Saturday, December 31, 2011

" حين سقط حصان في الملعب الرياضي، برصاص طائش، حزنت سيدات المجتمع وهواة سباق الخيل.  وحين سقط عشرات من الناس، في البيوت، وبرصاص مصوب لم يحدث حزن في المدينة. 
ليس لقتلاك صور ولا أسماء ، لأن الحصان الشهيد يغطي الكون. 
لماذا يسقط الشهداء بهذه الكثرة المجانية، وفي مكان غير صالح للإستشهاد ؟ كثيراً ما يتحول الموت إلى مهنة. فماذا يحدث لو أعلن المرشحون للموت الإضراب عن هذه المهنة ... ماذا يحدث ؟ 
- نصير شعباً بلا شهداء، ويصير عيد الشهداء باطلاً . 
- ماذا أيضاً ؟ 
- يفلس الشعراء
- ماذا أيضاً ؟ 
- يتلعثم الخطباء
- وماذا أيضاً ؟ 
- تسقط الحكومة " 


محمود درويش 
يوميات الحزن العادي 
ص 195



Friday, December 9, 2011

عطلة نهاية الأسبوع في رام الله

 في بلادي ... كل شيء ممكن الحصول ... أحياناً أسميها بلاد العجائب ... أجل فلسطين بلاد العجائب .... وكما تقول والدتي " علا في بلاد العجائب " ... من يوميات علا في بلاد العجائب إليكم التالي :

 اليوم الخميس، مما يعني عطلة نهاية الأسبوع في بلادي، في حدود الساعة الثانية وحتى الساعة السادسة تتحول شوارع رام الله المسكينة إلى ميدان كبير للمظاهرات والأمواج البشرية تتدفق من كل حدب وصوب اتجاه مجمعات السيارات ... كل يمشي على عجل ، كل يحمل حقيبته على ظهره ويهرول ... البرد والغيوم والضباب كلها عوامل تساعد على الهرولة سريعاً في الشوارع وفي زيادة أعداد المتظاهرين شيئاً فشيئاً ... الساعة السابعة ..... تبدأ الحركة بالانخفاض .. الطرقات خارج رام الله مزدحمة ...إلى الخليل ، بيت لحم ، طولكرم ، نابلس ، جنين، القدس ، أريحا .....  
الشوارع خالية إلا من سكان المدينة ... ليست كل الشوارع وإنما بعضها ....  بالرجوع إلى ساعة الذروة .... إلى ذروة المظاهرة الأسبوعية ..مظاهرة نهاية الأسبوع ... لا أحد منا يريد ما يعكر صفو خططه لنهاية أسبوع قصيرة ... فجأة وبدون مقدمات أو إنذار يخطر على بال أحدهم أن يمر بموكبه من أحد شوارع رام الله .. تتوقف الحياة ، لا سيارات بالشارع ،  المواطنون فوق بعضهم البعض ، يشتمون ذاك المسؤول الفلسطيني لأنه وبكل بساطة عطل مسيرة حياتهم لسبب لا يدرون ما هو ... الكل يقف تحت المطر مجبر على انتظار الموكب ليمر ... الأزمة تخنق الشوارع شيئاً فشيئاً ، غزارة المطر تشتد شيئاً فشيئاً ، الضباب يغزو المكان، ولا زال ذاك المسؤول يعطل حياتنا  حفاظاً على أمنه الشخصي .... ومما يزيد الطين بلة أن البارحة كانت ذكرى الإنتفاضة الأولى ولم يكن أي من مكونات تلك العطلة الاسبوعية العجيبة قد فكر ولو للحظة في أن يتذكرها أو يقف دقيقة حداد على شهدائها ... 

عزيزي المسؤول لا أحد منا يهتم لك ولموكبك ولا لأمنك الشخصي ..... كل منا لديه حياته وهمومه ، فلماذا تصر على أن تعطلها بطريقة لا مسؤولة كما فعلت البارحة ... المطر والضباب وموكبك أغلق شوارع المدينة ....  وضباط وأفراد جهاز الأمن الوقائي يفتحون  أبواب السيارات ويصرخون على المواطنين ويأمرونهم بعدم تعطيل السير ...أي منطق هذا ..أنت وموكبك تعطلون حياة المدينة وعناصرك يشتموننا ...  عزيزي المسؤول ... اذهب أنت وموكبك وسلطتك إلى الجحيم ...  إياك وأن تعطل حياتنا مجدداً كما فعلت البارحة وإلا فإنك سوف تجد نفسك في موقف لا تحسد عليه .... لم يبقى ولا مواطن البارحة إلا وشتم ذاك الموكب وصاحبه على الأقل مرتين ... 

مر الموكب ومرت ذكرى اللإنتفاضة الأولى وكل ذهب إلى وجهته ... ربما أراد المطر أن يخبرنا خبراً ما ، لكننا في  ذروة  غضبنا على ذاك الموكب والمسؤول نسينا أن نقرأ رسالة المطر ...  ونسينا أن نرسل تحيتنا لحجر الإنتفاضة الأولى .....

هكذا تكون عطلة نهاية الأسبوع في رام الله ... أهلاً بكم في بلاد العجائب ....  



Friday, December 2, 2011

أهلا بكم في جمهورية الضفة الاستهلاكية العظمى

من أكثر الأشياء التي أحبها في حياتي هي أنني أكتب عن فلسطين من قلب فلسطين ....   أحب فلسطين والرابط الروحي الذي يربطنا أقوى من أن تدمره قوى مخابرات عاتية أو قوى عسكرية مدمرة، ولكن لا بد من وقفة عقلانية بين الحين والأخر نراجع بها حساباتنا ومسارات حياتنا  كي لا نصبح هباءً منثوراً ، أن تحب فلسطين ليس معناه أن تكون كالشيطان الأخرس ...
في فلسطين وبالأحرى فيما تبقى من فلسطين ..أصبح الوضع لا يطاق .. الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والصحي في انحدار مستمر  ... 

هل لنا أن نقف قليلاً ونتأمل شارع ركب والإرسال بالوصل إلى طرف البالوع ؟ 

(1)    
في شارع الإرسال عن طريق الخطأ امرأة في الخمسين من عمرها مع ابنتها التي لم تبلغ العشر سنوات يدخلن محل لألعاب الأطفال ...تبدأ الفتاة بالتنقل بين زوايا المحل كالفراشة الصغيرة تتأمل وتحلم بأن تملك ولو قطعة صغيرة من جنة الألعاب تلك .. على الجانب الأخر والدتها تقف وهي حائرة بين اختراع الأعذار وتعداد سلبيات تلك اللعبة وذاك الدب القطبي .... أخيراً وقع اختيار الفتاة على لعبة ثمنها 14 شيكل أي ما يعادل  4 دولارات ... المبلغ صغير وتافه ..وبالتأكيد فإن الأم سوف تدفعه بكل صدر رحب ... اقتربت الأم من ابنتها وهمست في أذنها " اتركيها ، ثمنها غال جداً ، هيا لنخرج ونعود فيما بعد سوف يكون هناك أشياء أجمل. "  وخرجت الأم والفتاة من المحل بخفي حنين ...
(2)    
إلى الأمام قليلاً ، إلى شارع ركب .. على جوانب  الرصيف تنتشر الجنازير والتي تفرض علينا عدم تجاوز الرصيف والبقاء في حدود تلك الجنازير ، كلما دخلت رصيفاً بالخطأ تبدأ عملية البحث عن مخرج من ذاك الرصيف .... أخيراً المخرج ..والعودة للمشي في منتصف الشارع مع السيارات ... أكمل المشي في منتصف الشارع لأبدأ بعدَ عربات بيع الذرة والتي وصل عددها في إلى 26 عربة بيع ذرة  في دائرة قطرها أقل من 1 كم... هل من تفسير للجنازير وعربات بيع الذرة التي أصبحت تملأ المدينة ...

(3)    

إلى طرف البالوع ..بالتحديد عند الشيء الكبير الواقف بطريقة غريبة والذي ندعوه  بكل فخر واعتزاز " المول" طوابير البشر والسيارات انتشرت في المنطقة كانتشار النار في الهشيم .... السبب بسيط وواضح ..نحن لسنا في ميدان التحرير المصري ، أو ميدان التغيير اليمني .. نحن في ميدان الدجاج الأمريكي ... نحن في نقطة بيع KFC  والتي أصبحت حديث المدينة ، كل مخططات البشر لنهاية الأسبوع تتمحور حول الذهاب إلى ميدان الدجاج الأمريكي ... ابتسم أنت في فلسطين ....
لتخفيف أزمة ميدان الدجاج الأمريكي ، قرر شخص عبقري ... أن يفتتح فرعاً جديداً  لمطعم KFC  في شارع الإرسال .. أتمنى أن لا تدخله تلك  الفتاة ووالدتها بالخطأ كما حصل في محل الألعاب .... 


 (4)    
 لا أدري كيف باغتنا البرد فجأة من غير إنذار ... معاركنا مع الراتب ونصف الراتب ووزير العمل الذي يسب أخوات المواطنين ومشروع دولة أيلول لم تنته بعد ... أسعار الوقود مرتفعة والبرد لا يرحم ... لا نريد أن نموت جوعاً ولا برداً ... ما الحل ؟؟ أعزائي المواطنين ... لو نظرتم إلى مكونات  دوار المنارة بالإضافة إلى الأسود  ، سوف تجدون كرسياً خشبياً أزرق اللون مثبتاً بجنازير حديدية من الأسفل ينظر إلى حركاتنا بين الإرسال وركب والشارع الرئيسي والحسبة بعيون لا ندري ما هي لغتها ... إن أردتم أن لا تموتوا برداً ما عليكم سوى أخذ القليل من خشب الكرسي لتدفئوا أنفسكم وأطفالكم وأرواحكم .. أهلا بكم في جمهورية الضفة الاستهلاكية العظمى وعاصمتها رام الله ... يتبع


عنوان التدوينة مقتبس من الصديق محمود عودة ..شكراً محمود