Wednesday, May 15, 2013

عن محمد راشد والتشرد في مشارق الأرض ومغاربها

من هو محمد راشد، وكم سنة قضى معتقلاً في السجون الأمريكية، وما هي الظروف التي عاشها أثناء سنوات اعتقاله على الأراضي الأمريكية، وعلى خلفية تم اعتقاله، أين هو الآن وإلى أين يذهب.. من منا يعرف محمد راشد وقصته النفي في مشارق الأرض ومغاربها، من منا يدرك مقدار العذاب الذي تعرض ويتعرض له محمد راشد لمجرد كونه أردنياً من أصول فلسطينية.
 محمد راشد بني ادم أردني من أصل فلسطيني، قضى 15 عاماً في السجون الأمريكية  بتهمة تفجير طائرة من نوع بوينغ 747 تابعة لشركة "بان آم". أثناء رحلة بين طوكيو وهونولولو في 11 آب/ أغسطس عام 1982".
لجأ راشد مع عائلته إلى بيت لحم ليجد نفسه أردنياً، انسجاماً مع قرار ضم الضفة الغربية الصادر في 25 نيسان/ ابريل عام 1950. رشيد الأردني لم يطل به المقام في الأردن حيث غادره قبل شهرين من حرب 1967 للعمل في دبي، من دون عودة.
 التحق في سبعينيات القرن الماضي في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان نشاطه ضمن جناح العمليات الخارجية الذي كان يشرف عليه الشهيد وديع حداد.  

تنفيذ العملية

نقلاً عن صحيفة السفير العربي فإن العملية جرت كالتالي:  

ساهم راشد في العام 1979 بتأسيس "فصيل 15 مايو" الذي اتخذ العراق مقراً له، بهدف مواصلة العمليات الخارجية، رداً على حل الجبهة الشعبية للجناح الخارجي، ليغادر في العام 1984 الجبهة والفصيل منتمياً الى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) الذي يمتلك سجلاً حافلا في عمليات الخطف والتخطيط لخطف الطائرات، واستهداف المصالح الأميركية والإسرائيلية.
سجل لا تملك أجهزة المخابرات العالمية دليلاً مادياً عليه، باستثناء دوره في تفجير طائره الـ بويتغ 747، التي تكفل بزرع قنبلة تحت احد مقاعدها قبل أن يغادرها لتنفجر مخلفة قتيلاً يابانياً و15 مصاباً.
اختفى راشد مجدداً بجوازات السفر المزورة ظناً منه انه بمأمن عن أعين المخابرات التي وقع في فخها أثناء وجوده بمطار أثينا عام 1988، يومها كان قادماً من بلغراد في طريقة إلى الخرطوم متخفياً بجواز سفر سوري.
في المطار فوجئ بعملاء مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (FBI) يهاجمونه، الأمر الذي فاجأ الأمن اليوناني الذي تدخل واعتقل راشد ليقدم للمحاكمة في اليونان. وهذه رفضت تسليمه للسلطات الاميركية.
أدين بتفجير الطائرة وحكم عليه (وسط هتافات اليونانيين "أطلقوا سراح الفلسطيني") بالسجن 18 عاماً خفضت في وقت لاحق إلى 15 عاماَ وأفرج عنه لحسن السير والسلوك في العام 1996، بعد ثماني سنوات فقط، وغادر اليونان في اليوم نفسه كما طلب منه.
كان محمد راشد قد قضى 9 سنوات في سجون أثينا، وهو الآن لا زال يبحث عن أي مكان يقبله على وجه المعمورة، فحين صدر خبر الإفراج عنه في 20 آذار 2013 وسئل إلى أين وجهته، أجاب بالقول : "إلى أي مكان يقبلني."
منذ ذلك اليوم، يقبع راشد في سجن الهجرة في نيويورك بانتظار مكان يقبله. لم تقبله السلطة الوطنية الفلسطينية . ولن تقبله الأردن التي حمل جنسيتها فترة من الزمن، ولم تقبله الجزائر حيث عائلته.
"إلى أي مكان يقبلني"، يكرر راشد كلما سأل عن الوجهة التي يرغب الذهاب إليها، ولا مكان يقبله ولا جواز سفر مزوراً يسعفه ولا مناضلين أو من تبقى منهم يتذكره أو يعرفه.
باختصار هكذا يكون مصير المناضلين حين يعودون في زمن أصبحت فيه الخيانة مدرسة ولها منظريها وأساتذتها، وليس وجهة نظر وحسب... كما يعود الشهداء هذا الأسبوع يعود محمد راشد إلى اللامكان وإلى اللازمان، حيث كل من مشارق الأرض ومغاربها يدخلون وطنه كما شاؤوا ووقتما أرادوا، باستثنائه، لأنه باختصار حلم بوطن يختلف عما فرضته علينا عصابة منظمة التحرير و أوسلو.  


Friday, May 10, 2013

مبعدي المهد و 12 عام في المنفى

'إن مبعدي كنيسة المهد أمانة في أعناقكم ولا يجوز أن يبقى هؤلاء إلى ما لا ما نهاية في الإبعاد وأن يكون مصيرهم مثل مصير إخواننا اللاجئين في العالم’… بهذه الكلمات تحدث فهمي كنعان قبل أيام لصحيفة ‘الوطن’ القطرية الناطق باسم مبعدي غزة.،،


 في الثاني من نيسان عام 2002تم اقتحام  مدينة بيت لحم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ضمن ما سمي بعملية ‘السور الواقيو في العاشر من أيار من نفس العام التجأ ما يقارب 250  من المقاتلين وعناصر من الأجهزة الأمنية  والجرحى وآخرين من بينهم أطفال إلى كنيسة المهد ظنا منهم أن قوات الإحتلال الإسرائيلي لن تتجرأ وتحاصر أو تقصف الكنيسة نظراً لقداستها،  لكن تلك الظنون ذهبت أدراج الرياح إذ تم محاصرة من التجأ للكنيسة، وتم إطلاق النار على من في الداخل فاستشهد تسعة أشخاص، فيما لم يتم السماح بمعالجة الجرحى الثلاثين إلا بعد تردي حالتهم. استمر الحصار لمدة أربعون يوماً، وفيما يلي بعض الشهادات الموثقة أجراها فريق عمل من الهيئة العامة للاستعلامات مع عدد من الأفراد الذي كانوا محاصرين داخل الكنيسة وهم:

"
ناجي عبيات، عبدالمعطي دعنة، على علقم، فارس عودة ، عبد الفتاح سلهب، رائد عبيات، عيسى ابو عاهور"

كانت شهاداتهم جميعها متطابقة وتمحورت حول عدة نقاط نوجزها فيما يلي:

 •
الجيش الإسرائيلي فرض حصاراً خانقاً حول الكنيسة ولم يسمح بدخول أية مواد طبية أو غذائية إلى المحاصرين داخل الكنيسة.

 •
قام الجيش الإسرائيلي منذ اليوم الأول للحصار بقطع الماء والكهرباء عن الكنيسة وكان المحاصرون يتزودون بالماء من بئر في ساحة الكنيسة رغم المخاطرة بالخروج إلى الساحة إضافة إلى أن مياه هذا البئر لم تكن صالحة للشرب.

 اضطر المحاصرون نتيجة النقص الحاد في المواد الغذائية، لتحضير بعض الطعام من الأعشاب وأوراق الشجر  .

 •
العلاقة بين المحاصرين والرهبان ورجال الدين المسيحيين داخل الكنيسة كانت جيدة جداً حيث أن رجال الدين قدموا كل مساعدة ممكنة للمحاصرين من تقديم بعض الطعام للمحاصرين إلى العناية بالجرحى ونقل الشهداء إلى خارج الكنيسة. 

 الأضرار التي لحقت بالكنيسة كانت جسيمة من جراء إطلاق النار من العيار الثقيل حيث أحرقت أربعة غرف بالكامل و تهشم تمثالان للعذراء داخل الكنيسة بالإضافة إلى تكسير معظم الزجاج الموجود في الكنيسة.

 •
استهدف الجيش الإسرائيلي قتل وجرح اكبر عدد من المحاصرين حيث كان القناصة الإسرائيليون يطلقون النار على أي شيء يتحرك في ساحة الكنيسة أو بداخلها، وذلك بمساعدة كاميرات تصوير نصبوها على أبراج عالية حول الكنيسة ، وقد استشهد من المحاصرين تسعة أفراد وجرح أكثر من عشرين آخرين، وفيما يلي أسماء الشهداء، داخل كنيسة المهد، الذين سقطوا برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء حصار الكنيسة.

 الأرشمندت جاك الأسعد، 41 عاماً ، إيطالي الجنسية، أصيب أثناء تواجده في كنيسة "سانتا ماريا" عند توغل قوات الاحتلال في منطقة بيت لحم.

 
سمير إبراهيم سليمان، من بيت لحم ، استشهد بتاريخ 4/4/2002 ، وهو قارع أجراس كنيسة المهد .

خلف احمد نجاجرة 43 عاماً، من بيت لحم، استشهد داخل الكنيسة برصاص قناص إسرائيلي بتاريخ 4/5/2002 .

عصام نافز جوابرة، 24 عاماً، أطلق عليه الرصاص داخل الكنيسة.

رائد عمر الخطيب ، استشهد بتاريخ 25/4/2002 داخل الكنيسة .

 
محمد ابو عايد ،20 عاماً من بني سهيلة "قطاع غزة" ، استشهد بتاريخ 2/5/2002 .

نضال عويضة عبيات ، 28 عاماً ، من بيت لحم ، استشهد عندما كان يجمع الأعشاب من ساحة الكنيسة بتاريخ 29/4/2002 .

حسن عبد الله حسن نسمان، 26 عاماً، استشهد بتاريخ 13/4/2002 .

 
خالد صيام، قطاع غزة ، اشتبك مع الجيش الإسرائيلي عند محاولته اقتحام الكنيسة واستشهد على اثر ذلك.
.
 بعد أربعين يوماً من الحصار والرصاص ومكبرات الصوت التي لم تتوقف عن العمل ليلاً أو نهاراً كنوع من التعذيب المضاف لمن هم في الكنيسة، وبعد وجولات المفاوضات التي انتهت بتدخل الفاتيكان وأسفرت في النهاية عن إبعاد 39 فلسطيني من بينهم 26 مبعداً إلى غزة ، و 13 مبعد إلى دول أوروبية مختلفة. أتى تدخل الفاتيكان بعد فشل الجولات التفاوضية التي  أجراها كل من محمد دحلان أحد المسؤولين الأمنيين البارزين وقتها ومحمد رشيد أحد مستشاري الرئيس الراحل ياسر عرفات. كان يفترض في هذا الاتفاق، الذي تم من وراء ظهر مجموعة أخرى كانت تفاوض الإسرائيليين بقيادة صلاح التعمري أن يكون الإبعاد لمدة عام أو عامين، لكن وللأسف يدخل المبعدون عامهم الحادي عشر في المنفى ولا بوادر لطرح قضيتهم أو العمل على إنهاء معاناتهم، حيث أن إبعادهم مخالف للاتفاقيات الدولية خاصة اتفاقية جنيف الرابعة والمؤسف أيضاً أنه لم يتم إدراج أسمائهم ضمن صفقة شاليط رغم وعود بذلك من حركة ‘حماس .
المبعدون إلى غزة كانوا 26 والآن صبحوا مع أسرهم 120 فردا تمنعهم "إسرائيل" جميعاً من زيارة الضفة الغربية بل وتمنع أهاليهم من زيارتهم في قطاع غزة عن طريق معبر بيت حانون . فقد بعض هؤلاء الأهل والأخوة ولم يتمكنوا ولم يسمح لهم بحضور جنازاتهم. ومما يزيد القضية مرارة أن من المبعدين من توفي في المنفى قبل أن تبصر عيناه فضاء الكنيسة التي دخلوها محاصرين وخرجوا منها منفيين ومبعدين مثل عبد الله داوود من سكان مخيم بلاطة، والذي كان يشغل  منصب مدير مخابرات بيت لحم حين اجتياحها حيث لجأ إلى موريتانيا والجزائر حيث انتابته نوبة مفاجئة ليعود إلى مسقط رأسه في تابوت، وهو المصير الذي يرفض المبعدون مواجهته أو التسليم إليه.

 تجدر الإشارة إلى أن هنالك 13 مبعد قد تم إبعادهم إلى دول الاتحاد الأوربي وقد تم توزيعهم على ست دول من دول الاتحاد الأوروبي.
مبعد واحد تحددت إقامته في قبرص أما الباقي فتم توزيعهم على اسبانيا، ايرلندا، بلجيكا، البرتغال
وقد وافق الاتحاد الأوروبي على استقبال 13 مبعد ضمن الاتفاق الذي حظي بدعم الولايات المتحدة والفاتيكان.
وتشير تأكيدات أوروبية إلى أن أيا منهم لن يكون هدفا للاعتقال في أماكن إقامتهم الجديدة كما سيسمح لعائلاتهم بالالتحاق بهملكن "إسرائيل" أصدرت أحكاماً قضائية غيابية، وتقول أنها ستحتفظ بالحق في المطالبة بتسلمهم رغم تأكيد بعض المسئولين أوروبيين وهو الأمر الذي يحتم أن نسأل أنفسنا ما المصير الذي سوف يواجهه هؤلاء المبعدون في حال عودتهم للوطن وهم من يواجهون أحكاماً من قبل الإحتلال الصهيوني تتراوح ما بين 5-11 مؤدباً. هل سيعود المبعدون إلى السجون الصهيونية، أم أنهم سيعودن لينعموا بحياة يسودها نوع من الاطمئنان، هل سيكون هؤلاء  المبعدون في حال عودتهم في مأمن من الإغتيالات والتصفيات؟ من ذا الذي يستطيع حماية من رهنوا أرواحهم وأنفسهم لتحرير الوطن، هل ستقوم السلطة الفلسطينية بالتحقيق معهم واعتقالهم في سجون المخابرات، أم أنها سوف تساهم ومن خلال التنسيق الأمني في إرسالهم وتسليمهم للسلطات الصهيونية لمواجهة مصير لا يقل سوءاً عما واجهوه أثناء الحصار، وعما يواجهونه في تفاصيل حياتهم اليومية في المنفى.


الشهيد عبدالله داوود الذي استشهد في المنفى 


أ. المبعدون إلى خارج الوطن

 
إبراهيم موسى عبيات – قائد كتائب شهداء الأقصى في محافظة بيت لحم.

 
عبد الله داود الطيراوي- مسؤول المخابرات في المحافظة.

 
إبراهيم محمد سالم عبيات- احد كوادر حماس وشقيق الشهيد حسين عبيات.

 
جهاد جعارة

 
خالد ابو نجمة

 
محمد مهنا

رامي الكامل

خليل عبدالله نواورة

عنان خميس

 
عزيز عبيات

 
محمد سعيد عطا الله

 
ممدوح الورديان

 
أحمد حمامرة

ب‌. المبعدون إلى قطاع غزة

سليمان نواورة

 
مازن حسين .

نادر عبد العزيز

مجدي دعنا

سلطان خليف

مؤيد جنازرة

.
جواد نواورة

رائد عبيات

ناجي عبيات

ياسين الهريمي

محمد خليف

رامي شحادة

اياد عدوي

علي علقم

فهمي محمد صالح كنعان

فراس عودة

 
صامد العطابي

سامي سلهب

 
موسى شعيبات

جمال ابو جغليف

 
زيد عطا الله

عيسى أبو عاهور

خالد مناصرة

 
رائد شطارة

خالد صلاح

 
حاتم حميد

حصار كنيسة المهد الجزء الأول " البداية وشهادة جهاد جعارة":

حصار كنيسة المهد الجزء الثاني:


حصار كنيسة المهد الجزء الثالث" شهادة رهبان الكنيسة" :

حصار كنيسة المهد الجزء الرابع " شهادة صلاح التعمري":

حصار كنيسة المهد الجزء الخامس " ابراهيم العبيات" :

حصار كنيسة المهد الجزء السادس " الإبعاد القسري، والوداع":

Thursday, May 2, 2013

السرد الأخر ل "مين الزلمة فيكم؟ حكاية شهداء سجن النقب وحوض النعنع"



كالعادة وفي الوطن الذي لا ندري أي صدفة جعلتنا نعيش فيه عقود عمرنا القليلة شاءت الصدفة أن اقرأ إحدى حكايا سجن النقب بطريقتين سرديتين مختلفتين، ولا أدري لماذا لم أشعر بجمال السرد الثاني كالأول، وعليه فإننيأعيد نشر ما كتبه العزيز صالح برقاوي عن بعض ذكريات سجن النقب وحوض النعنع والشهداء والغاز المسيل للدموع والسحل، لأنني وحسب رأيي الشخصي أعجبت بالسرد في نسخته الأولى قبل أن يطالها مقص التحرير، وليس هدفي الانتقاص من قيمة التحرير في العمل الصحفي، وغيره ... لكن لأننا وجدنا أنفسنا وبمحض الصدفة والظروف التي نعيشها نكتب عن أحداث تستحق أن تروى للأجيال التي سوف تعيش في فلسطين الحرة، أو تلك التي سوف تعمل على تنظيم العمل الفدائي من جديد في وطننا الغريب الملامح... تجربتنا الكتابية لم تأت من أي خلفية صحفية تسير حسب المعايير الدولية للكتابة والسرد. تجربتنا الكتابية هي باختصار جاءت نتيجة لما أحب أن أدعوه ب كيماء القلب والعقل في نقل تجارب البشر بأدق وأصدق تفصيلاتها ودون المساس بروحها التي لا ندري كهنها.


في نهاية أسبوع النقب الإعلامي كان لا بد أن نتحدث عن تجمع فلسطيني يقبع في صحراء النقب غير معترف به، محاط بالجند والأسلاك الشائكة، لا يمكن دخوله إلا بقفص من حديد، ساكنيه يتغيرون حسب رياح الصحراء وحسن النوايا والتبادلات بلغ عدد من سكنوه ثلاثمائة ألف أو يزيد واليوم ثلاثة آلاف، انه سجن النقب "كتسعوت" كما اسماه السجان أو أنصار 3 كما سماه المعتقلين تيمنا بأنصار 1وأنصار 2، في أنصار نسجنا آلاف الحكايا سنذكر اثنتين أو يزيد، في أنصار أشخاص مصرين على العطاء مهما حاصرتهم القيود وأحلام الغائبين، في أنصار نستذكر محمد الأشقر و أسعد الشوا وبسام السمودي وعبد الله علاونه وكل الشهداء الذين عمدوا الرمل بالدماء فكانت انجازات الحركة الأسيرة التي لم تتوانى بتقديم الشهيد تلو الشهيد لضمان حياه كريمه يحياها كافه الأسرى والمعتقلين، لهم نكتب ولهم منا الوفاء.

"ثوروا فلن تخسروا سوى القيد والخيمة"

السادس عشر من آب عام 88 لم يكن يوما عاديا في حياه المعتقلين الذين كانوا قد اتخذوا قرارا داخليا تم تعميمه على كافه الأقسام في "أنهم لن يسمحوا بأي إهانة لأي أسير من الآن فصاعدا وان الموقف لا يحتمل إلا أن نقف صفا واحدا تجاه هذه الإهانات المقصودة مهما كانت النتائج" ,وعند الظهيرة سمع المعتقلون صراخا ,تجمهروا على الشبك وإذ بالجنود يسحلون معتقلا على الأرض الخشنة مكبل اليدين والقدمين الى الزنزانة ، داميا من شده الضرب ، موقنا بالنصرة من إخوته فصاح الله اكبر وما هي إلا ثانيه أو أقل حتى كانت الله أكبر تخرج من أفواه سبعه آلاف من المعتقلين الذين بدأوا لتوهم باستنفار سيكون الأطول في تاريخ الحركة الأسيرة ، لم يتركوا شيئا في الخيم إلا ورموه على الجنود من طناجر وصابون ، أحذية وحجارة والذين بدورهم بدؤا بإطلاق النار والغاز بصوره عشوائية، حتى وصلت بهم الى تطويق السجن بالدبابات، وإدخال ناقلات الجند بين الأقسام ، وما أن هدأت الأقسام بعد الظهيرة وتم النداء للمعتقلين للجلوس على الأرض حتى يدخل العدد إذ يفاجأ المعتقلين بقائد المعسكر العقيد "تسيمح" يصيح ويعربد في قسم "ب " فوقف أمام المعتقلين وقال "الزلمة فيكم يوقف "ساد الصمت لبرهة صفوف المعتقلين نظروا الى بعضهم البعض فوقف أسعد الشوا منتصبا متحديا له نظر إليه تسيمح وتناول بندقيته من جندي مجاور له وأطلق عليه رصاصتين في الصدر فأستشهد على الفور فتقدم بسام السمودي وسط صيحات الله اكبر وأقترب من الشيك بشكل كبير محاولا أصابه تسيمح بحجر فأطلق عليه النار فأستشهد وعندها هرب تسيمح وبدأ الجنود المتمركزين على الأبراج بإطلاق الرصاص على المعتقلين الذين حاولوا الوصول الى الشبك فأصيب منهم عدد كبير استنفرت كافه الأقسام مره أخرى وتم تكسير سيارة ضابط في قسم "ألف"وبعد ساعات من الرصاص الحي والمطاطي والغاز هدأت ثوره المعتقلين وتم إجلاسهم على الأرض وأمر الضباط المعتقلين أن يحملوا الجرحى ويضعوهم أمام بوابات الأقسام لنقلهم الى المستشفى، ففعل المعتقلون، ودخل الجنود الأقسام وصادروا كل شيء في الأقسام وتم شبحهم في العراء لأكثر من أربع ساعات من غير ماء ولا أو أكل وبعد أقل من نصف ساعة شاهد المعتقلين طائره هيلوكبتر تهبط في معسكر الجيش مما أكد لجميع المعتقلين أن هنالك شهداء لم يمضي وقت طويل حتى بلغت الإدارة الأخ منير العبوشي ممثل المعتقل آنذاك أن الشهداء هم اسعد الشوا وبسام السمودي وأنه تم تشكيل لجنه لتقصي الحقائق التي قررت فيما بعد أن الشهداء شكلوا خطورة أمنيه.
أعلن المعتقلون الإضراب عن الطعام، حدادا واحتجاجا وليستمر المعتقلون تسعة أيام دون طعام، حتى استجابت أدارة السجن الى بعض مطالبهم، وتم تغير المعاملة فتم السماح للمحامين بالزيارة ومنعت الإهانات وحسنت نوعيه الأكل بحصول السجناء على مطبخ خاص بهم يوزع الأكل على كل الأقسام يطبخون به ويشرفون عليه، وأجبرت الإدارة بالاعتراف بممثلين المعتقلين والتعامل معهم والأهم من ذلك كله بأنهم حصلوا على المياه الساخنة واستبدلوا "برش" البلاستيك بألواح خشبية تسمى مشتاح مع إدخال القهوة كوجبة أسبوعية للمعتقلين .
حكايا الإستنفارات لا تنتهي في سجن النقب فالمباح قليل والممنوع لا يحصى وبينهما يكمن الأستنفار، صوت الأذان،  أهانه، نقل تعسفي، رده فعل على أستشهاد عزيز، تفتيش كلها أسباب تحرك أسطوانه الغاز والله أكبر .

"أخيراً رأينا الصليب الأحمر "

في أواخر العام 1988, سمحت إدارة سجن النقب للصليب الأحمر بالزيارة فدخلت امرأة سويسريه وشاب فرنسي، كوفد من الصليب ليسمعوا مطالب المعتقلين، فاجتمعوا مع ممثليهم في أحدى خيام القسم "1"، وحاولوا أن يشرحوا لهم كل شيء وقدموا مطالبهم المشروعة بتحسين شروط الإعتقال وحقهم في زيارة الأهل والمحامون وانتهوا بالمطالبة في حقهم في توفير الصحف اليومية والكتب و القرطاسية يقول المتوكل طه "ما أن انتهت الزيارة حتى تركت الفتاة دفترها الصغير ونسي الشاب قلمه عمدا لعلهم استشعروا المحيط المرعب الذي يلفنا فتعاطفوا معنا"، بعد أقل من شهر من تلك الزيارة تفاجأ المعتقلين بسيارة كبيره محمله بالكتب والورق الأبيض والأقلام والمساطر مع وفد من الصليب الأحمر، وبدؤوا بتوزيعها على الأقسام التي رقصت فرحا على هذه الحمولة التي لم يحلموا بها !وأخبروهم :بإمكانكم كتابه الرسائل الشهرية الى ذويكم لكن قبل أن تصل الى البريد ستراقب إدارة السجن كافه هذه الرسائل وستمنع أي رسالة يرون أن محتواها خطير على الأمن ! ، فيقول المتوكل "عندها استطاع المعتقلين أن يقرؤوا روايات غسان كفاني وإميل حبيبي وعبد الرحمن منيف وسميرة عزام وحنا مينا وأشعار محمود درويش وسميح القاسم وفدوى طوقان وكمال ناصر .. وأن يحفظوا منها الكثير، وأن يناقشوا لاحقا، في الجلسات الثقافية مضامينها وصورها وأشكالها الفنية" أما عن الجرائد والصحف فبعد يومين بدأت إدارة المعتقل بتوزيع صحيفة على كل معتقل لكنها مكونه من أخبار مقصوصة من عده صحف عبريه وعربيه وإنجليزية تم مونتاجها على أربع صفحات، وتصوريها وتوزيعها على المعتقلين، طبعا الصحيفة تتحدث بلسان الإحتلال فهجرها المعتقلين واستخدموها في الأعمال اليدوية ولما تم السؤال عن جدوى توزيعها قال الضابط :ألا يقرأها واحد من كل ألف ؟ فقال الشاويش ممكن ! فقال له: أذا استطعنا كل يوم أن نؤثر في سبعة معتقلين وهذا يكفينا.
 لم يختلف اليوم عن الأمس في النقب لكنهم سمحوا بجريده القدس مرة واحدة كل عدة أشهر .

"حوض النعناع "

اضطهاد وقمع السجان الإسرائيلي لم يقتصر فقط على إطلاق الرصاص والغاز وضرب السجناء، وإنما امتد ليشمل كل شيء جميل في حياة المعتقلين حتى لو كان حوض من النعنع، يقول الأخ أبو رشدي الزغل في معرض شهادته لنا عن سجن النقب لم يتخيل المعتقلين يوما أن نبات النعنع قد يعرض إدارة سجن النقب للخطر ..كنا نحن الأسرى الإداريين قد زرعنا شتلة نعنع كان ملك النار أبا سلوى قد احضرها لنا من خارج المعسكر،  كونه كان يحضر لنا تهريبا كل ما تيسر من الأمور والمواد التي قد تخلق أو تصنع مقوم من مقومات الحياة المعدومة في هذا السجن الصحراوي، حين زرعنا شتلة النعنع على مدخل خيمتنا لترسم لونا اخضرا يغير كل الصفار الذي يلفنا فشارك كل أفراد الخيمة المقيمين فيها بترتيب حوض النعنع وجمع الرمل وتصفيف الحجارة حوله، هذا العمل البسيط فيه متعة لا توصف ..كان في نظرنا انجازا عظيما ..أن نزرع النعنع الأخضر لنغير مذاق أكلنا وشربنا ونكهة حياتنا ..هذا الأمر الذي لم يرق لضابط الاحتياط الإسرائيلي الذي صعق من رؤية حوض نعنع اخضر أثناء العدد، فتوجه نحو حوض النعنع وسال ممثل المعتقل :شو هذا ؟ تبسم وأجاب: أعتقد انه نبات النعنع وليس سلاحا ..نظر إليه الضابط نظرة استهزاء وقال: "أنا شايف بس هذا ممنوع وبدكم تشيلوه "..فكان الرد : "ما بشيل شي جميل زرعناه وبهددش أمنكم "..فانذره قائلا" شيلوه بأيديكم بدي أجي العدد الجاي أشوفه مش هون" ..فكان الرد :"بدك تشيله شيله بأيديك "جاء الصباح وجاء العدد وكان السجال مجددا :"ليش ما شلته؟ ..أنا بفرجيك ".أستمر الحال لعدة أيام دون أن نلقي اهتماما بهذا الضابط الذي اكتشفنا لاحقا انه أستاذ جامعي في جامعة بار ايلان ويدرِس الكيمياء ..الأمر الذي يعطي الانطباع الحقيقي لعقلية ونفسية تعبر عن ذاتها بممارسات بغيضة على الأرض بصرف النظر عن أسماء وألوان ومستويات جنودهم وضباطهم، عوقبنا لكن بقي حوض النعنع ..في النهاية لم يكن بد لدى الضابط في التعبير عن عدم كسر قراره ورفضه إلا بدوس النعناع ببسطاره العسكري وبعثرة الرمل والحجارة أمام أعيننا لكن حوض النعنع عاد من جديد بأيدينا التي أعادت له الحياة بعد أن قتله الاحتلال، لقد أخرج سجن النقب أجمل ما في المعتقلين وأسوأ ما في الاحتلال هذا فيقول المتوكل هنا "أن ذهابنا بالجمال الى أقصاه، هو الذي خلق لدينا قوة إضافية ولا أعني هنا جمال المكان، بقدر ما أعني عيوننا الجديدة ورؤيتنا العميقة المختلفة، التي رأت المكان وسبرت غوره، وأحاطت به وأدركته، واجترحت الأشكال والآليات المناسبة، للتعاطي معه، بحيث ظل المكان تحت سيطرتنا ما أمكننا ذلك، هذا الجمال الداخلي الذي تجاوز كل نقاط الضعف في المعتقلين أو الثغرات في التربية الجمعية".

"ما بعد النقب"

لا وجه للصحراء ولا فؤاد، ولكن لها ذاكره اختزنت صرخات آلاف المعتقلين وآهاتهم وأحلامهم، والصحراء أيضا هي ذاكره المناضلين ومنارة الجماهير وأكثر توحش هو محاوله قتل تلك الذاكرة وهدم تلك المنارة، إن الحركة الأسيرة هي حركة لها ثوابتها ومتغيراتها ومبادئها التي انتحت نظرية ملحمية رسخت معنى الأسر والحرية فتغلغلت في وجدان الشعب وعقليه الأسير نفسه فمع احتضان الجماهير ونبذ السياسيين تكون الفجوة، فما بعد الأسر ليس كما قبل الأسر، فالفعل المقاوم اليومي الذي عاشه أي أسير هو يفوق آلاف المرات أي جهد سياسي حالي على الأرض، فالقتل هنا يتجاوز المادي الى المعنوي ، فنحن نتحدث عن النضال في السجون ولا يخفى علينا لسان حال من خرج منهم حيث يقول الأستاذ خالد عوده الله محدثا عن سرحان "وبعد الكثير من الصخب والركض الموضعي، وصل سرحان الى الحقيقة المرة : النضال في السجن ومن السجن أسهل بكثير من النضال خارجه ، وحدث ذاته بضرورة إعادة تعريف السجن والحرية "
فارقني أخي أبو رشدي الزغل بعد حديثنا عن تجربته، ولم يتركني حتى أجاب لوحده عن سؤالي لذاتي لماذا سأكتب عن تجربه سجن النقب فقال لي: "أخخ والله أيام حلوه... أحنا لقينا حالنا في السجن "ومن ثم استشهد  بكلام عبد الرحمن منيف قائلا:"اذا كتبنا عن معاناتنا، عن ذلك الوكر الأسود المشؤوم، فلا لكي نظهر بطولاتنا، وإنما لكي نساعد الآخرين، ونجنبهم ما عانيناه، فنحن على وشك أن نمضي، وهم سيبقون بعدنا، وهذا ما يدعونا لأن ننبه، لأن نحذر قبل فوات الأوان، وأن تعرف أن الحياة دون حرية، دون كرامة، لا تستحق أن تعاش"



اعتمدت المادة على كتاب المتوكل طه" سيره كتسعوت" وشهادة الأخ أبو رشدي الزغل 

نشر التقرير للمرة الأولى في شبكة قدس على الرابط التالي، لكن بسرد مختلف http://www.qudsn.ps/article/11758


Monday, April 15, 2013

عن سيتي ويمين الطلاق وحرب ال67


بعيداً عن المنطق والتحليل والنقد البَناء والهدام والهجوم المضاد والضغط المرتفع من السلطة وأوسلو والأحزاب الفلسطينية والمصايب اللي مش عم بتوقف في هالوطن الغريب وكل المصطلحات اللي لو حكيتها في الحسبة ما حدا رح يعبرني أو يعيرني أدنى اهتمام، ما بعرف كيف طلع معي أكتب هاي التدوينة الخطيرة ... يمكن الموضوع متعلق في الجينات الخليلية الموجودة عندي اللي بتخليني أعمل أشياء تصنف تحت إطار الجنون المطلق ... مش شرط يكون في هدف لهاي التدوينة، عادي هيك طلع براسي ... الموضوع يمكن غريب بس هو بداية العلاج لحتى أرجع لطبيعتي الساخرة.
حالياً نص أهل الكرة الأرضية " يعني إمي وسيتي " عارفين إني قاعدة بشتغل على الورقة البحثية لمادة القانون الدولي واللي ربنا وحده بعرف إذا رح أنجح فيها أو لاء ... طبعاً الشغف اللي عندي مش عارف يركز على هالورقة لحتى تخلص وضميري يرتاح ويوقف حفلات التعذيب الليلية.
عادي في أشياء كتير بالحياة ممكن ما يكون في إلها تفسير حالي ومنطقي وماشي ع المسطرة البشرية، وهنا تكمن روعة القدر...اليوم اكتشفت إنه جمال ضحكتي يكمن في عيوني لأنه عيوني كمان بتضحك .. نوعاً ما أنا قاعدة بتغزل بحالي ... حالي وأنا حرة فيها ....كل واحد حر بحاله .... اليوم برضه اكتشفت إنه أنا لسه كتير صغيرة لحتى أبلش أخد دوا الضغط ..بس الحمدلله أنا كبيرة بما فيه الكفاية لحتى أرفع ضغط الأخرين، يمكن كمان يومين أدخل موسوعة جينيس لأكتر شخص برفع الضغط بالحياة ... عادي هادا أنا
سيتي حبيبتي اللي بتحمل جينات دار الدويك ومش قادرة تتخلص منهم ولا تغيرهم على الرغم من إنه صارلها أكتر من 65 سنة متزوجة على دار شاور التميمي "عيلتي المحترمة" ..المهم بالرجوع لسيتي اللي عندها مرض الضغط هي أحد أسباب كتير أشياء جميلة وحلوة بحياتي....سيتي اللي تزوجت وعمرها 13 سنة عندها ذاكرة أقوى من ذاكرتي يمكن بعشر مرات وهو الموضوع اللي أنا بحبه فيها لأنه هاي الذاكرة مصدر مهم لتدوين تاريخ العيلة اللي عاشت تجربة السجون الإسرائيلية والفلسطينية وهدم وإغلاق البيوت ومصادرة وتخريب العفش على سبيل المثال لا الحصر... من قصص سيتي اللي ولا عمري رح أوقف ضحك وأنا بسمعها يمين الطلاق تبع سيدي اللي أنقذنا من التحول لعيلة نازحين في الأردن وقت حرب 1967.
سيتي سعدية وسيدي موسى وعلى الرغم من إنه صارلهم أكتر من 25 متزوجين في هداك الوقت إلا إنهم لسه بتقاتلوا ولازم أحد الطرفين يحرد من الأخر لإنقاذ العيلة من حرب ضروس طويلة الأمد. صادف إنه قبل حرب السبعة وستين بأسبوعين الزوجين الرائعين تقاتلوا وكانت النتيجة حرد سيدي وتوجهه إلى عمان " هو في الواقع كان مشتاق لعمي عيسى اللي في عمان" وبقيت سيتي في الخليل هي والعيلة الطويلة والعريضة ... تجربة الزواج أكسبت سيدي بعض الخبرة في التعامل مع زوجته العنيدة " العناد هو الاشي الوحيد اللي أخدته أنا عن سيتي، بدل ما أخد عيونها الخضر وبياضها الناصع" ... حدة المعركة بين الزوجين خلت سيدي يحلف على سيتي طلاق إنها ما تطلع برة البيت لا هي ولا أولادها ولا بناتها طول فترة غيابه، وهاي أول وأخر مرة بحياته رح يحلف طلاق.... سيتي العزيزة بقيت ملتزمة باليمين هادا لحد ما قامت حرب السبعة وستين وكل ما رافقها من إشاعات وموجات نزوح وقتل وضرب وتهجير ... سيتي اللي ما عاشت تجربة التهجير في 1948 قررت تعيشها وتعيَشها لأولادها في السبعة وستين.... المهم وبلا طول سيرة زي الخلايلة ... سيتي راحت حملت أولادها الخمسة من أصل سبعة وبناتها التنتين من أصل تلاتة وأخدت أوراقهم وأشياء بسيطة وطلعت من البيت استعداداً للنزوح إلى عمان واللحاق بزوجها الغاضب ...في هداك الوقت طبعاً ما كان في شيوخ ومفتيين بهذا الكم الهائل الموجود اليوم، وحس الحكمة اللي عند بنت الدويك خلاها في حيرة هل من الواجب ترك البيت والدنيا حرب وتعمل زي باقي الناس وجوزها حالف عليها يمين طلاق ولا لاء ... سيتي ما بدها تكسر يمين زوجها وبنفس الوقت ما بدها اولادها وبناتها يموتوا بالحرب ...بالأخر سيتي استخدمت مبدأ " استفت قلبك اللي أنا دايماً بستعمله" وقررت تحمل العيلة وتروح على عمان... في الطريق وعلى بعد بس أربعين متر من البيت جارنا الله يرحمه "أبو حسام" شاف سيتي ومعها أكتر من نص الدزينة من الأولاد حاملين الأغراض وماشيين أولى خطوات النزوح ... طبعاً هو مصدوم وبنفس الوقت مش من الجماعة اللي مقررين يتركوا البلد ... لما سأل سيتي عن القصة ...الزلمة قرر يتجرأ ويفتي بالموضوع ... حكالها يا إم عيسى ارجعي ع البيت ومن هون للمغرب بلكي دبرنا طريقة تروحي فيها إنتي والأولاد على عمان...باختصار أجا جارنا ومعه أخو سيدي اللي عرف بالقصة من جارنا وحكوا لسيتي إنه أبو عيسى بعت مرسال من عمان مع واحد من دار الصاحب إنه خليكي بالبلد إنتي والأولاد بلاش يحلف كمان يمين طلاق ... طبعاً لا سيدي كان باعت اشي ولا ما يحزنون بس شاءت الظروف إنه ولا حدا من محيط العيلة كان ناوي يروح على عمان حتى لو صارت مجازر في البلد ...وهكذا تم إنقاذ العيلة من التحول لنازحين في الأردن بفضل كذبة جارنا ويمين طلاق سيدي الله يرحمهم ...
ما بعرف كيف خلافات سيدي وسيتي اختفت فجأة من حياتهم لأنه من أول ما وعيت عليهم وأنا بشوف صورة واحدة ما تغيرت لحد وفاة سيدي ... سيدي كان كل يوم الصبح يقوم يعمل القهوة ويجيبها لعند سيتي في السرير ويصحيها لحتى يشربوا القهوة مع بعض ... 
سيتي لما تعرف إني نشرت هادا الإشي مش رح تكون مبسوطة لأنها بتخاف علي من الإعتقال أكتر ما بتخاف على أخوتي وأولاد عمي، سيتي أكتر حدا بالدنيا بكره إني أحكي بأي شيء له علاقة بالسياسة ... سيتي رح تحكيلي فضحتينا في البلد وعيونها الخضر بتضحك ...

للتنويه فقط أنا كتير بحب لون عيوني ولون بشرتي وموضوع وراثة لون عيون وبشرة سيتي لا يعدو كونه مزحة بايخة ... 

Thursday, April 4, 2013

رئيس منتهي الصلاحية وشعب منفي في كوكب المريخ



بناء على توجيهات فخامة الرئيس محمود عباس لجعل حرية التعبير عن الرأي مكفولة للجميع بدون تمييز على أساس دين أو عرق أو لون أو انتماء سياسي قررت أخيراً وبعد تكفير مطول ومتهور أن أعبر عن المشاعر التي أحملها في قلبي تجاه الرئيس محمود عباس ومؤسسة الرئاسة والأجهزة الأمنية، أو تلك التي أحب أن أدعوها باسمها الحقيقي " أجهزة دايتون" وذلك نسبة إلى الجنرال الأمريكي دايتون، ولمن لا يعرف من هو دايتون ما عليه سوى قراءة الفقرة التالية :
"كيث دايتون (1949-) جنرال أمريكي استدعي بعد وصول حماس إلى السلطة  مهمته تدريب القوات الفلسطينية للسيطرة على الأمن وبسط سيطرة الحكومة الفلسطينية على أراضيها  وهو مقيم في القدس. جنرال كيث دايتون، جنرال في الجيش الأمريكي، كان المنسق الأمني الأمريكي للشئون الإسرائيلية الفلسطينية في تل أبيب. خدم كقائد في قوات المسح في العراق، وعضو في الملحق الدفاعي في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في موسكو - روسيا وسبق له أن عمل في فرع التدريب حول السياسة السوفيتية، وفي ميدان التفتيش عن الأسلحة العراقية، وهو يتقن اللغة الروسية حاصل على الشهادة الأولى في التاريخ، وعلى درجة الماجستير في العلاقات الدولية. درب دايتون قوات في الأراضي الأردنية مهمتها المعلنة هي بسط السيطرة في الضفة الغربية."
بالعودة إلى الموضوع الأساسي، نصحني أحد الأصدقاء قبل فترة بالتخفيف من اللهجة الهجومية تجاه الرئيس والحكومة والأجهزة الأمنية، وذلك لأجنب عائلتي المزيد من المتاعب، والمشاكل والتهديدات المستمرة منذ فترة من قبل مجهولين. كذلك نصحني باستعمال لغة أكثر توازناً وإبهاماً في أحيان أخرى، بحيث أوجه الرسائل ضمن السطور المبهمة للمقال ولا أوجهها مباشرة لفلان وعلان.
لأن الأسئلة تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، وجدت أنه لا مفر سوى الكتابة بشكل مباشر، ولأن الرئيس محمود عباس والأجهزة الأمنية، ومؤسسة الرئاسة وحركة فتح ليسوا ملائكة منزلين من السماء، وليسوا بأنبياء فالنقد المباشر لأفعالهم وقراراتهم التي لا تمثل شعب يبلغ تعداده حتى لحظة كتابة هذه الكلمات ما يقارب 13 مليون فلسطيني موزعين على كافة أصقاع المعمورة هو واجب على كل بالغ عاقل في هذا الوطن.
على سبيل المثال لا الحصر، لماذا يستمر الرئيس محمود عباس والذي هو رئيس منتهي الصلاحية بطبيعة الحال، بالخروج على الشعب باتفاقيات ومعاهدات مع الأردن مثلاً بدون سابق إنذار، ويتعامل مع الشعب وكأنه قادم من المريخ، أو أنه فتى قاصر لا يملك القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، ألا يعد هذا استهزاءاً بالشعب، وبقضيته وبوطنه.  لماذا لا تعرض تلك الإتفاقيات لاستفتاءات شعبية تشمل من هم داخل وخارج فلسطين.  ومما يزيد الطين بلة، وجود السحيجة الذين تتمثل مهمتهم الأساسية في الحياة في الدفاع المستميت عن شخص الرئيس وقراراته بغض النظر عن مدى الضرر الذي قد تسببه تلك القرارات على المدى القريب، أو البعيد على الشعب والوطن. يتميز السحيجة باستعمالهم لمفردات مثل " أجندة خارجية، مندسين، الرئيس يعرف ما لا تعرفون." وإن كنت سيء الحظ ودخلت في نقاش مع أحدهم استبسل في بيان صفات الرئيس الحنون الذي تنازل عن صفد يوما ماً دون أن ترمش له عين.
لماذا لا يتقبل الرئيس ، أو الأجهزة الأمنية فكرة  وجود معارضة فلسطينية شعبية للقرارات التي يتخذها دون أن يفكر في عمل ولو استفتاء شكلي على تلك القرارات. وليس المقصود هنا بالمعارضة حركتي حماس، أو الجهاد الإسلامي، إنما وجود أصوات معارضة فلسطينية لا تنتمي لأي حزب فلسطيني.
لماذا لم يخرج علينا الرئيس منتهي الصلاحية بخطاب اعتذار على الأقل عما ترتكبه الأجهزة الأمنية من مخالفات بحق أبناء الشعب والمتمثلة في التهديدات والإبتزازات المستمرة لأهالي المدونين، والمدونات على مقالات تنتقد شخص الرئيس المقدس.  إن السكوت عما ترتكبه الأجهزة الأمنية إنما هو بمثابة ختم بالموافقة عما تقترفه تلك الأجهزة وتشجيع لها للمضي قدماً في مهمتها النبيلة "تكميم الأفواه"
لماذا نجد جموع الشعب تتحدث في الكواليس المغلقة عن التعذيب في مقرات الأجهزة الأمنية، وعن الفساد المالي والإداري في مؤسسات السلطة الفلسطينية والمنظمة، هل يعتبر هكذا نوع من الأحاديث هو مجرد أحاديث من صنع الخيال من أجل تعبئة وقت الفراغ والملل الذي يعاني منه شعب يعيش تحت الإحتلال منذ ما يزيد عن 65 عاماً.
أما السؤال الأكثر إحراجاً للرئيس فهو المتعلق بالتنسيق الأمني مع "اسرائيل" والمستمر على قدم وساق، بالرغم من استمرار مسلسل سقوط الشهداء داخل وخارج السجون "الإسرائيلية". ألا يعد التنسيق الأمني مع العدو عمالة من الدرجة الأولى.... أم أن الشهداء من كوكب المريخ، والذي تقضي قوانينه بمنح اللجوء السياسي للفلسطينيين المضطهدين من قبل حكومتهم، و "اسرائيل" دون شروط أوقيود.
الرئيس محمود عباس ليس منزهاً عن الخطأ، وليس منزلأ من السماء، ولا هو بقديس أو صنم يحرم علينا مسه، أو نقده، هو رجل في موقع من أخطر المواقع المصيرية في تاريخ وحياة القضية الفلسطينية، ولأننا نعيش حالة استثنائية ألا وهي العيش في وطن محتل منذ أيام الإنتداب البريطاني، فواجبنا مسائلة كل من هو في موقع القيادة عن كل كبيرة وصغيرة، وعن كل خطوة يقوم بها تجاه حل القضية. تلك اللحظة التي نفقد بها القدرة على المسائلة، والنقد وتقديم الحلول البديلة، إنما هي تجسيد للدكتاتورية من نوع خاص جداً، تمنع الشعب الواقع تحت الإحتلال من التعبير عن رأيه وهذا أضعف الإيمان، تيمناً بمقولة الرئيس " سليمة، سلمية" مع أنني من أشد المعارضين للمقولة السابقة لما لها من تداعيات خطيرة على الوعي الجماعي الفلسطيني.
لم يفقد أهالي مخيمات تل الزعتر، وجنين، وجسر الباشا، وصبرا وشاتيلا حياتهم  من أجل أن يأتي محمود عباس والأجهزة الأمنية لمنعنا من التعبير عما يدور في خاطرنا اتجاه ما يرتكبون من مصائب نتيجتها الحتمية تصفية الوطن والشعب وضمان أمن المحتل.
لا أدري بأي حق يأتي مجهولون لتهديد عائلتي لأكف عن الكتابة في مدونتي، وأنا التي لم ترتكب من الخطايا اتجاه الشعب والوطن والقضية عشر ما ارتكبته وترتكبه السلطة والمنظمة - والتي يشغل محمود عباس رئيسها الأعلى- من خطايا . أليست هذه ديكتاتورية، وقمع وتكميم للأفواه.
لن أستغرب إن ما تم اعتقالي أو اعتقال أحد أفراد عائلتي من قبل قوات الإحتلال، أو المخابرات الفلسطينية، وذلك  لأننا لا نعيش في ذاك الوطن الحر الديموقراطي الذي يحاول الإعلام الحكومي الترويج له كلما سنحت لهم الفرصة، ودون الملل من تكرار الجمل المنتهية الصلاحية، بينما عائلتي فقدت معنى النوم والراحة منذ تاريخ ذاك التهديد اللعين في شهر كانون الثاني  2013.