Friday, December 2, 2011

أهلا بكم في جمهورية الضفة الاستهلاكية العظمى

من أكثر الأشياء التي أحبها في حياتي هي أنني أكتب عن فلسطين من قلب فلسطين ....   أحب فلسطين والرابط الروحي الذي يربطنا أقوى من أن تدمره قوى مخابرات عاتية أو قوى عسكرية مدمرة، ولكن لا بد من وقفة عقلانية بين الحين والأخر نراجع بها حساباتنا ومسارات حياتنا  كي لا نصبح هباءً منثوراً ، أن تحب فلسطين ليس معناه أن تكون كالشيطان الأخرس ...
في فلسطين وبالأحرى فيما تبقى من فلسطين ..أصبح الوضع لا يطاق .. الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والصحي في انحدار مستمر  ... 

هل لنا أن نقف قليلاً ونتأمل شارع ركب والإرسال بالوصل إلى طرف البالوع ؟ 

(1)    
في شارع الإرسال عن طريق الخطأ امرأة في الخمسين من عمرها مع ابنتها التي لم تبلغ العشر سنوات يدخلن محل لألعاب الأطفال ...تبدأ الفتاة بالتنقل بين زوايا المحل كالفراشة الصغيرة تتأمل وتحلم بأن تملك ولو قطعة صغيرة من جنة الألعاب تلك .. على الجانب الأخر والدتها تقف وهي حائرة بين اختراع الأعذار وتعداد سلبيات تلك اللعبة وذاك الدب القطبي .... أخيراً وقع اختيار الفتاة على لعبة ثمنها 14 شيكل أي ما يعادل  4 دولارات ... المبلغ صغير وتافه ..وبالتأكيد فإن الأم سوف تدفعه بكل صدر رحب ... اقتربت الأم من ابنتها وهمست في أذنها " اتركيها ، ثمنها غال جداً ، هيا لنخرج ونعود فيما بعد سوف يكون هناك أشياء أجمل. "  وخرجت الأم والفتاة من المحل بخفي حنين ...
(2)    
إلى الأمام قليلاً ، إلى شارع ركب .. على جوانب  الرصيف تنتشر الجنازير والتي تفرض علينا عدم تجاوز الرصيف والبقاء في حدود تلك الجنازير ، كلما دخلت رصيفاً بالخطأ تبدأ عملية البحث عن مخرج من ذاك الرصيف .... أخيراً المخرج ..والعودة للمشي في منتصف الشارع مع السيارات ... أكمل المشي في منتصف الشارع لأبدأ بعدَ عربات بيع الذرة والتي وصل عددها في إلى 26 عربة بيع ذرة  في دائرة قطرها أقل من 1 كم... هل من تفسير للجنازير وعربات بيع الذرة التي أصبحت تملأ المدينة ...

(3)    

إلى طرف البالوع ..بالتحديد عند الشيء الكبير الواقف بطريقة غريبة والذي ندعوه  بكل فخر واعتزاز " المول" طوابير البشر والسيارات انتشرت في المنطقة كانتشار النار في الهشيم .... السبب بسيط وواضح ..نحن لسنا في ميدان التحرير المصري ، أو ميدان التغيير اليمني .. نحن في ميدان الدجاج الأمريكي ... نحن في نقطة بيع KFC  والتي أصبحت حديث المدينة ، كل مخططات البشر لنهاية الأسبوع تتمحور حول الذهاب إلى ميدان الدجاج الأمريكي ... ابتسم أنت في فلسطين ....
لتخفيف أزمة ميدان الدجاج الأمريكي ، قرر شخص عبقري ... أن يفتتح فرعاً جديداً  لمطعم KFC  في شارع الإرسال .. أتمنى أن لا تدخله تلك  الفتاة ووالدتها بالخطأ كما حصل في محل الألعاب .... 


 (4)    
 لا أدري كيف باغتنا البرد فجأة من غير إنذار ... معاركنا مع الراتب ونصف الراتب ووزير العمل الذي يسب أخوات المواطنين ومشروع دولة أيلول لم تنته بعد ... أسعار الوقود مرتفعة والبرد لا يرحم ... لا نريد أن نموت جوعاً ولا برداً ... ما الحل ؟؟ أعزائي المواطنين ... لو نظرتم إلى مكونات  دوار المنارة بالإضافة إلى الأسود  ، سوف تجدون كرسياً خشبياً أزرق اللون مثبتاً بجنازير حديدية من الأسفل ينظر إلى حركاتنا بين الإرسال وركب والشارع الرئيسي والحسبة بعيون لا ندري ما هي لغتها ... إن أردتم أن لا تموتوا برداً ما عليكم سوى أخذ القليل من خشب الكرسي لتدفئوا أنفسكم وأطفالكم وأرواحكم .. أهلا بكم في جمهورية الضفة الاستهلاكية العظمى وعاصمتها رام الله ... يتبع


عنوان التدوينة مقتبس من الصديق محمود عودة ..شكراً محمود

5 comments:

  1. أسلوبك جميل و رائع ، كل التحية.

    ReplyDelete
  2. جميل جدا ما طرحتيه علا

    شكرا
    بالفعل .. هيك الواقع وعنا بغزة اكثر
    والخليج اكثر واكثر

    Yasser Talk

    ReplyDelete
  3. شكرا جزيلا .. احاول التعبير عن الواقع ليس أكثر :)

    ReplyDelete