لزمني عشرون عاما لأدرك أنني ضحية, ضحية لمعاهدات صممت في أروقة الفنادق , بينما الضحايا مشتتتين في أورقة المخيمات والناجون من التاريخ والجغرافيا يبحثون عن كسرة خبز يسدون فيها رمق أطفالهم الجياع , أليس من حقي أن انعت نفسي بالضحية ؟ لا اعتقد ذلك فمعاناتي أقل من معاناتهم ولكن تجمع بيننا صفة واحدة لا ادري ما هي أو ربما لا أريد أن أواصل الحديث عنها. هل يحق لي أن ألعب دور الضحية التي سلبت كل ما تملك دون سابق إنذار وتنتظر من ينقذها من براثن وتبعات صفقات ليست مؤمنة الجانب؟ ربما لا يحق لي أن ألعب دور الضحية المسكينة , لأنني لا زلت أسكن في بيتي ولا زلت املك لسانا سليطا كما يصفه والديَ وجدتي, ربما يحق لي أن ألعب دور الشاهد المتحدث و لكن ليس دور الشاهد الشيطان الأخرس. ربما تؤهلني الظروف لأكون ذاك المحامي الذي لا يزال يبحث عن محكمة يلقي فيها متاع مرافعاته ويرتاح ولو لبرهة. وبما أنني لست على علاقة جيدة بالحواجز الإسرائيلية بين مدن الضفة الغربية وقطاع غزة , فإنني لن أتمكن من لعب دور ذاك المحامي , لذلك فقد قررت أن أنزع عن نفسي كل نعت قد يؤدي في نهاية المطاف إلى انضمامي إلى احد طرفي المعادلة التي لا زلت أبحث عن أسئلة تمكنني من فهم طرفي الإجابة التي تسكن طرفي معادلتنا العزيزة , أخيرا قررت وأنا بكامل قواي العقلية أن أكون شاهدة على مأساة أناس يبحثون عن مكان ما في شهادة ميلادهم وليسوا بقادرين على إيجاده أو الوصول إليه.
No comments:
Post a Comment