أحدهم قرر فجأة من لا شيء أن يجعل فلسطين محصورة فقط ببعض المحلات في شارع ركب في رام الله. أصبحنا يوما بعد أخر نقرأ خبراً تلو الأخر في صفحات الجرائد وفي وكالات الأنباء الفلسطينية عن ذاك الشخص الذي ينزل إلى الشارع ليستمع إلى هموم المواطنين وشكاويهم, حين اقرأ هذا النوع من الأخبار أشعر وكأنني في مكان ليس فيه من فلسطين شيئاَ, لماذا يصر دائما ذاك الشخص على النزول إلى شارع ركب وسماع هموم المواطنين هناك ؟ لماذا لا ينزل إلى شارع أخر وبلدة أخرى فالهموم ليست واحدة وإن كان المكان واحد, من ذا الذي حصر فلسطين وهمومها بشارع ركب وهمومه ؟ لا أريد الانتقاص من قيمة الشارع وأهله وإنما أريد أن ينتبه ذاك الشخص إلى أي حدٍ هي كبيرة فلسطين, إلى أي حد هي مختلفة عن أحياء الجيتو. من ذا الذي حصر فلسطين بشارع واحد ومدينة واحدة ؟
لاحقا, لا ادري كيف اهتدى هذا الشخص إلى فكرةٍ جعلتنا نبدو وكأننا عبث لا قيمة لوجودنا في الحياة, لا أدري كيف اتخذ موقفا جعل من ستين عاما معبدة بالمعاناة والألم والحرمان والغربة هباء منثورا, ذات صباح خريفي أقرب إلى الصيف منه إلى الشتاء رأيته عبر وسائل الإعلام التي حصر لها يتحدث وبكل ثقة لأبناء الجالية اليهودية. هل يريد أن يخبرنا انه شخص ذو شخصية تمكنه من الحديث مع كافة صنوف البشر على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وانتماءاتهم ؟ في الواقع وددت لو اعرف من هي التي أولى بالزيارة مدينتي الواقعة إلى الجنوب من مقر رئاسته , أم نيويورك التي تبعد حوالي ثلاث قارات عن مقر رئاسته ؟